[img]
https://mhmod.ahlamontada.com/[/img]
وضع فيلسوف ذاتَ مرة هذه البديهية للوصول إلى حقيقة أنه موجود فعلاً فقال: "أنا أفكر إذاً أنا موجود" ،لاحظ أنه لم يقل:" أنا أفكر إذاً أنا أتخيل بأنني موجود" لأنه بمُجرّد أن ضَمَّن الـ "أنا" في كلامه فإذ به يعترف أن الذات موجودة .
لكل منا ذاته الشخصية المستقلةو الفريدة ، وهذه من أكثر الحقائق عمقاً في الكون والتي يجب أن تدفعنا للتواضع والتفكير ملياً في حقيقة أننّا أفرادٌ منفصلون عن بعضنا البعض، فنحن كالجُزر المعزولة ؛ فلا أحد منا يمكنه أن يشعر تماماً بنفس المشاعر التي تشعر بها ولا أن يفكِّر بنفس أفكارك بالضبط ، فمشاعرك وأفكارك ملكك وحدك وهي جزء لا يتجزأ منك أنت .
و بداخل الذات الإنسانية يكمن شيء ذو أهمية قصوى بالنسبة لله ألا وهو الإرادة الشخصيّة، التي هي جزء منّا و ملكٌ لنا. تخيّل أن حياة كل منّا هي قاعة بداخلها عرش ، و أن إرادتنا تجلس على عرش عالمنا الصغير الخاص بنا، و عندما تلفت إنتباه إرادتنا معلومة آتية من الخارج فنحن نفعل بها ما يحلو لنا و هذا يعني أننا نمتلك الخيار لفعل ما نشاء. ولأنه عالمنا ولأن إرادتنا هي التي تجلس على العرش فأن الخيار سيكون نهائي وحاسم . وبينما إرادتنا لم تزل على العرش تأتي معلومة مصدرها جزء آخر من عالمنا، فنسمع صوتاً يقول: "أيها الملك العزيز أعتقد أنك سوف تتألم بكثيرا إن أكلت تلك القطعة الثالثة من الفطيرة." هذا هو ضميرنا الذي يتكلم هنا ويمكننا أما أن نتجاهل هذه المعلومة أو أن نصغي لها ونهتم بها، وهنا ترد الإرادة قائلة: "ابتعد عني أيها الأحمق السخيف فسوف أغادر بعد العشاء و سأكون على ما يرام."
الإرادة و تجاوبها مع الضمير أمر مهم جداً و ينبغي علينا فهمه جيداً لأنه متعلق بشكل كبير بكيفية نظرنا لله، ففي وقت ما من حياتنا من الممكن أن يأتينا ضميرنا ببعض المعلومات المتعلقة بالله والتي قد تكون على الصورة التالية :-
"أيها الملك العزيز، أريد أن أنبهك إلى حقيقة مفادها أن كائناً يدعى الله يريد أن يدخل عالمك، ويقول أن لديه مطلق الحرية ليحكم أينما يريد و لكنه لن يدخل عالمك ما لم تدعوه أنت و يقول أيضاً أنه إن دخل عالمك سيكون له تأثير كبير على القرارات التي تتخذها مِن على عرشك. أنا آسف حقاً أيها الملك ولكن هذا ما يقوله ،وإنك إن دعوته سيصبح عالمك – بحسب قوله- مكاناً أفضل، فهو يحبك كثيراً وكل ما يريده هو لخيرك،نعم هذا ما قاله ، و أرجو يا جلالة الملك أن لا تمانع إذا قلت أنه ملك مثالي، بخلاف ما أنت عليه، و يقول أن بإمكانك الوثوق به أكثر من ثقتك بنفسك . ما رأيك بعد كل ما عرفته ؟ هل تحب إعطاءه الإذن ليدخل عالمك ؟"
ألم نختبر جميعنا شيئاً كهذا؟ الله يسمح لنا بإتخاذ القرارات ، وهذا مظهر من مظاهر الإحترام الذي يعاملنا به فهو لا يقتحم عالمنا ولا يقلب عروشنا و لكنه يطلب المجيء والدخول إلى حياتنا فقد قال "ها أنا ذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه." رؤيا 3: 20