]
[/url]
سيدتي الفاضلة لماذا تسير بنا الحياة إلى طرق لم نعتقد أبداً أنها سوف تسير بنا هناك ولو كانت إحدى العرافات أخبرتنا بها لكنت قلت لها هذا درب من الجنون
يا سيدتي باختصار شديد تخرجت من الجامعة وأنا على قدر كبير من البراءة أرى الحياة جميلة سيأخذني فارس الأحلام على حصان أبيض وأرى الناس طيبة والحياة مفعمة بالأمل . وعملت بإحدى الشركات وكنت في غاية السعادة فهذا ما كنت أرسمه لحياتي بالضبط ولكني هناك دخلت مدرسة الحياة التي تعلمنا أن نتخلى عن براءتنا وطيبتنا، فنصب لي أحد الزملاء وهو متزوج وله ولد نصب لي كمين الحب والغرام ، وقد اعتبرته في البداية مجرد أخ وتعاملت معه بمنتهى البراءة أستشيره في أموري وأتقبل سؤاله عنى ، إلى أن أخبرني بحبه فكانت أولى صدماتي في الحياة .
كيف ؟ لا يمكن .. ولكن وآه من لكن بدأ يوجه لي يوميا سيلاً من المشاعر الدافئة والاهتمام المتزايد ، والإلحاح المتواصل فأنا حبه الأول وأحلامه وزوجته لا يتمناها بل سوف يتركها و يتزوجني، بل أنهما انفصلا عنها بالفعل ذهب ليجلس في بيت أهله وعرفني على ابنه ووجدت نفسي أحبه كيف ؟ رغم أن هذا يتنافى مع تربيتي وضميري ، ومع ما نشأت عليه ولكنه عرف كيف يأخذني من حياتي كلها وكنت ما بين أن أتركه وأعود له ، ذات يوم طلب مني قضاء يوم معه في شقة يملكها واعترضت وثرت .
لكنه بدأ سيل الإلحاحات وحديث الثقة وأنه يريد أن يشعر كأني زوجته ونأكل مع بعض ونشاهد التلفاز ، وكأنني مخدرة وافقت و كأنني لست أنا من يقوم بهذا وذهبت ، وباختصار مرات عديدة تطورت الأمور ولكن لم يحدث ما يرعب أي فتاة ولكن ليس معنى ذلك أنى لم أفقد عذريتي ، فقدتها نفسياً فقدت براءتي وأحسست داخلياً أنني امرأة ، وتوالت الأيام وأنا لا أعرف ماذا يحدث في حياتي بعدت عن الله خجلت من نفسي أرفض طالبي الزواج وما بين استمرار معه ثم رجوع متاهات ومتاهات ، طلبت منه الإعلان ولكن كالعادة والسيناريو معروف ، ليس الآن ، لا أستطيع كيف سأواجه أهلك ، ماذا أملك لك .
وهكذا إلى أن صحوت فجأة على أنني قد ساءت سمعتي في الشركة والكل يعلم قصتي يا إلهي ماذا يحدث ؟ أهذه أنا من كان يشهد لها الجميع بالسمعة الحسنة و الأخلاق الطيبة أهذا ما آلت إليه حياتي فلذت بالفرار وأغلقت هذه الصفحة تماماً ، ولكن ظلت الذكريات تعذبني يا سيدتي لا تفارقني يوماً ، عملت في شركة أخرى وبدأت فيها وقد كشرت عن أنيابي لأي شخص يريد التلاعب بي أو الاقتراب من سمعتي ، واحترمت نفسي جيداً وعرفت الحياة الحقيقية ، وتخليت عن البراءة الساذجة
وحاولت النسيان ، وبالفعل بدأت بعد فترة في رؤية المتقدمين وارتبطت بأحدهم شخص طيب ومحترم سأل عنى في عملي قالو له منتهى الاحترام والأدب ، يحبني جداً وأنا أحترمه ، لا أقول أحبه لأنني استنفذت لدى كل مشاعر الحب ، وفقدت الثقة في البشر أجمعين ، إحساس يطاردني دائماً بالذنب ، فماذا يدريني أنه لن يحدث لي كما فعلت بزوجته ، وأيضاً إحساسي بانعدام براءتي ، ضميري يؤنبني على تساهلي في نفسي ، وأيضاً أتذكر دائما نظرات عدم الاحترام من زملائي القدامى وأحياناً أشعر بالحنين إليه فانا لا أنكر قد أحببته هذا لا يعنى الرجوع أبداً أبداً وعاد واتصل بعد عام بي ليخبرني أنه لم ينساني فأعاد كل جروح الحياة بي وكل الذكريات الأليمة مرة أخرى وأخبرته بارتباطي ، وانتهت المحادثة ماذا أفعل كي أعيد لنفسي إحساسي باحترامي لذاتي ؟ كيف أتأكد أن الله لن ينتقم منى ويفضحني ؟ كيف أنسى هذه التجربة المريرة ؟
نانو – مصر
صديقتي أهلاً بك ، بصرف النظر عن سؤالك الفلسفي ، فلن أعيد أو أزيد في دروس الحياة او غيرها لكنني أود ان أقول لك إن كونك أخطأت لا يعني أن تعيشي عمرك كله رهن لهذا الخطأ ، فقبل ان ألومك أو أؤنبك يجب أن أحييك لأنك أنقذت نفسك في الوقت المناسب وقبل أن تضيعي في متاهة هذا الوغد الذي مات ضميره فاستغل براءتك ولعب علي وتر الحب ، وأوصلك إلي ما وصلت إليه فأضاع براءتك ، ورغم أنك وصلت الآن إلي مرحلة من الاحترام حققت فيها كل ما تصبو إليه كل فتاة في مثل سنك ولكنك دفعت ثمن ذلك غالياً وكأن الحياة كان يجب أن تضعك في هذا المحك لتعرفي حقائقها ، علي أي الأحوال لن ألومك علي ما فعلت بنفسك يكفي أنك ابتعدت في الوقت المناسب ، وكل ما هو مطلوب منك الآن أن تطهري نفسك من الذنب والإثم فتكون توبتك صادقة مع عزم أكيد بألا تعودي إلي ما كنت عليه .
مع ندم شديد علي ما فعلت بنفسك وأحسبه موجود ، وأحسبك أنت أيضاً رغم كل شئ علي خير عظيم ، فقط ينقصك التقرب إلي الله بشتى السبل والوسائل ، ونسيان الذنب صديقتي أحد شروط التوبة ، فانسي الماضي تماماً ولا تدعيه يفسد عليك حاضرك ويقطع عليك الطريق نحو المستقبل ، أما كون الله سينتقم منك فهو قول غير صحيح وإن كان المطلوب منا ان نخشي الله ونخافه ، فليس من المطلوب أيضاً أن نيأس من رحمته لأن الله أرحم بنا حتي من أنفسنا يقول صلى الله علية وسلم " جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزءا واحدا منها , فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه ، هل علمت إلي أي مدي بلغت رحمته .
فلا تسيئي الظن بالله صديقتي واعلمي أن الله أكبر وأجل وأعظم سبحانه وتعالي من كل ذنوبنا فهو الغفار التواب الذي يعفو عن كثير ، فإياك والقنوط من رحمة الله أو إساءة الظن به فهو الذي يقول في الحديث القدسي " أنا عند حسن ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني " فحسن الظن بالله صديقتي من حسن العبادة وباب التوبة لا زال مفتوحاً ، و بإمكانك أن تبدأي الآن من جديد وتنسي الماضي بكل مساوئه ولا تفكري إلا في المستقبل وحاولي أن تتمي زواجك بسرعة وأنت مخلصة النية صادقة في عهدك مع الله ، وتأكدي أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فانسي هذا الحب الفاسد ولا تلفتي إليه وإنما فكري مستقبلك وسمعتك التي بدأت في ترميمها فلا تهدمي كل ما بدأت ، وقبل ذلك فكري في الله وأنه مطلع علينا يرانا في السر والعلن ، أسأل الله لك الثبات والتوفيق والخير كله .